Thursday, March 6, 2014

قصة بداية الزراعة

إن للفن ثمناً لابد من دفعه حتى عندما لا يُشترى، فالأشخاص الذين نفذوا رسوم الكهوف العظيمة، لم يكن بإمكانهم الخروج للبحث عن الطعام عندما كانوا منشغلين بالرسم مهما كانت حاجاتهم بسيطة، فقد كان هناك إذن بعض الغذاء الفائض عن الحاجة المباشرة حتى في مجتمعات الصيد وجمع الطعام الباكر. إلا أن الخطوة الحاسمة في زيادة ذلك الفائض إنما حصلت عندما تعلم الناس زراعة المحاصيل للغذاء وحصادها، وتدجين الحيوانات واستغلالها. فكان اكتشاف (أو اختراع) الزراعة.

الصيد والجني والزراعة
لقد بات من الواضح الآن أن قصة البشر كلها هي قصة تغير مستمر، جزء كبير منه من صنع الإنسان، ولكن بعض الخطوات في تلك القصة تبرز بسبب أهميتها الخاصة، والزراعة واحدة منها، مثل السيطرة على النار وتعلم الكلام. كانت الزراعة تقريباً آخر الخطوات الكبرى التي خطتها البشرية في حقبة ما قبل التاريخ، والحقيقة أنها قد غيرت الحياة بصورة كبيرة وعميقة للغاية، ولولاها لما حصل أي من التغيرات اللاحقة. لقد أنجزت بقاع مختلفة من العالم الزراعة في أزمنة مختلفة، ولابد أن يكون المناخ والبيئة الطبيعية هما السببان الأساسيان لهذا الاختلاف، كما أنهما يفسران لماذا توصلت بعض الشعوب إلى الزراعة لوحدها؟ بعد زمن طويل من عالم أوراسيا* القديم – في الأمريكيتين مثلاً- ولماذا عجزت غيرها عن التوصل إلى الزراعة إلا بتأثير من الخارج كما هي الحال في أوروبا الغربية في عصور ما قبل التاريخ. يقال إن أقدم آثار النباتات المزروعة تعود لحوالي عام 10.000 ق.م، وقد وجدت في جنوب شرق آسيا، وهي أشكال باكرة من الدخن (الجاورس) والأرز، ومازال كلاهما نباتين هامين في تلك المنطقة حتى اليوم.  وبعد حوالي 8.000 عام تعلم الناس في أمريكا الوسطى زراعة نوع من البطاطا الحلوة وشكل بدائي من الذرة. إلا أن منطقة الشرق الأدنى هي التي وجدت فيها معلومات وافرة عن المراحل الباكرة من الزراعة، فقد انتشرت في هذه المنطقة بين عامي 9000 و 6000 ق.م تقريباً أنواع كثيرة من الحبوب التي مازلنا 

0 التعليقات:

Post a Comment

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More